کد مطلب:352792 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:264

ثورة کربلاء و استشهاد الإمام الحسین
بعد وفاة الإمام الحسن علیه السلام، فی سنة خمسین للهجرة، شرعت الشیعة فی العراق بمراسلة الحسین علیه السلام وطلبت منه أن یعزل معاویة عن امرة المسلمین، ولكن الحسین علیه السلام ذكر فی جوابه إلیهم أن له مع معاویة عهدا ومیثاقا لا یستطیع نقضهما. وأما معاویة فقد كان یقوم طیلة العشرین سنة من حكمه بتهیئة وتوطید الخلافة لابنه " الماجن " یزید لیجعل منه أمیرا للمؤمنین، مخالفا بذلك لیس معاهدته مع الإمام الحسن علیه السلام فحسب والتی عاهد الله علیها، وإنما



[ صفحه 77]



نقض وخالف ما علیه أهل السنة من اعتقاد بأن اختیار الخلیفة یكون بالشوری، واشتراط الصلاح والتقوی فیه، لتری مدی الجرم الذی اقترفه معاویة بحق الإسلام والمسلمین، والذی تبعه علی منهجه بقیة خلفاء الأمویین والعباسیین والعثمانیین والذین یصعب تفریق غالبیتهم العظمی من حكام المسلمین الفسقة الفجرة فی عصرنا. وبعد موت معاویة سنة ستین للهجرة، تربع یزید علی سدة الحكم، فكان بلاطه بؤرة المجون والإثم، فهو وباعتراف جمیع فرق المسلمین كان یحتسی الخمور علانیة، ویشرب حتی الثمالة فی السهرات الحافلة ومن أقواله المأثورة أشعارا ضحلة نذكر منها:

شغلتنی الدیدان عن صوت الاذن

وتعوضت عن الحور عجوزا فی الدنان

ولا غرابة فی ذلك، فیزید تربی علی ید مربیة مسیحیة، وكان كما یصفه المؤرخون شابا أهوجا، خلیعا، مستبدا، مترفا، ماجنا، قصیر النظر، وفاقدا للحیطة، وقد روی عنه أیضا: أنه صلی مرة بالمسلمین صلاة الجمعة یوم أربعاء، وصلی بهم الفجر أربع ركعات بعد أن كان شاربا حتی الثمالة وغیر ذلك الكثیر الكثیر مما لیس فی هدفنا تبیانه، وإنما كان ذكرنا لتلك الانتهاكات ما هو إلا وسیلة لإلقاء الضوء علی الظروف التی رأی فیها الإمام الحسین علیه السلام وجوب الانتفاضة والثورة مستهدفا إحیاء الإسلام والسنن الدینیة بعد أن أصبحت مهددة بالمسخ والفناء، ولم یكن هدف الإمام الحسین علیه السلام فی ثورته الاستیلاء علی الخلافة والسلطة، فهو یعلم أن حظوظ بنی أمیة فی المحافظة علیها أوفر وخصوصا بعد نكوص أهل العراق ورهبتهم من الأمویین. ویصرح الإمام الحسین علیه السلام فی إحدی خطاباته بالقرب من كربلاء عن سبب انتفاضته بقوله: " أیها الناس، من رأی إماما جائرا یحلل حرمات الله وینقض عهد الله من بعد میثاقه ویخالف سنة نبیه، ویحكم بین



[ صفحه 78]



عباد الله بالإثم والجور، كان حقا علی الله أن یكبه معه فی النار " وكذلك قوله: " أیها الناس، إنهم أطاعوا الشیطان، وعصوا الرحمان، وأفسدوا فی الأرض، وعطلوا السنن واستأثروا بیت أموال المسلمین، وحللوا حرمات الله، وحرموا ما أحله الله، وأنا أحق الناس بالانكار علیهم ". وعندما علم الإمام الحسین علیه السلام بالنكوص والارتداد الذی حصل فی الكوفة، جمع أصحابه وأهل بیته الذین كانوا بصحبته وصارحهم قائلا: " قد خذلنا شیعتنا، فمن أحب أن ینصرف، فلینصرف، فلیس علیه منا ذمام " فتفرقوا من حوله یمینا وشمالا، حتی بقی فی أصحابه الذین جاؤوا معه من مكة والمدینة. ولكن الإمام الحسین علیه السلام بقی مصرا علی قراره وبنفس العزیمة التی انطلق بها من مكة المكرمة، ولیس معه سوی أصحابه وأخوته وأبناءه وأبناء عمومته، ولا یتجاوز عددهم ثمانی وسبعین، وقد كان لسان حاله یقول كما وصف أحد الشعراء: " إن كان دین محمد لا یستقیم إلا بقتلی، فیا سیوف خذونی ". والتقی بالجیش الذی أرسله والی الخلیفة الأموی یزید علی الكوفة " عبید الله بن زیاد " بقیادة عمر بن سعد، وكان قوامه اثنین وثلاثین ألفا كما فی بعض الروایات. وكان طبیعیا أن تمكن القوة جیش یزید بن معاویة من قتل هذه الفئة القلیلة العدد، وقد تجسدت فی ذلك الیوم صورة مأساة أهل البیت ومظلومیتهم بأجلی صورها، وكأن یزید بن معاویة فی هذه المذبحة كان یدفع الأجر الذی سأله رسول الله صلی الله علیه وآله: " قل لا أسألكم علیه أجرا إلا المودة فی القربی ". ولقد حدث التاریخ عن مشاهد وصور مأساویة یصعب علی أحد وصفها علی حقیقتها... ومن ذلك مأساة طفل رضیع هو عبد الله ابن الإمام الحسین علیه السلام، الذی حمله الإمام إلی المعسكر الأموی یطلب له الماء



[ صفحه 79]



بعد أن حالوا بین مخیم الحسین علیه السلام وبین ماء الفرات، وأخذ منهم العطش مأخذه.. حمله یطلب له الماء ولیحرك ضمائرهم ویثیر إحساسهم الإنسانی، فما كان منهم إلا أن صوبوا سهما نحو الرضیع فأردوه قتیلا، واستمر تساقط الشهداء من أصحاب الحسین علیه السلام وأهل بیته الواحد تلو الآخر. وكان الحسین علیه السلام آخر من استشهد فی تلك المعركة الحاسمة، ولم یكتفوا بقتل سید شباب أهل الجنة، بل احتزوا رأسه وفصلوه عن جسده، وحمل رأس الحسین ورؤوس أصحابه هدایا یقتسمها القتلة، ویرفعونها متوجهین بها إلی یزید بن معاویة فی الشام والذی لا یزال یصر بعض المسلمین علی تسمیته بأمیر المؤمنین، ولا حول ولا قوة إلا بالله...! وبعد سرد كل هذه الأحداث التی تبین بوضوح الأهداف السامیة التی من أجلها قام الحسین علیه السلام بثورته، والتی وصفها الداعیة الإسلامی الكبیر الدكتور عمر عبد الرحمن بقوله: " إن استشهاد الحسین أعظم ألف مرة من بقائه علی قید الحیاة ". إلا أنه وجد أیضا من ینتقص من قیمة هذه الثورة العظیمة لوقوعهم ضحیة الإعلام الأموی المضلل - والذی حاول جاهدا تزویر التاریخ - ولوقوعهم ضحیة التعصب المذهبی المقیت، فیضطرون بذلك إلی هذا التحریف الشائن كقول (شیخ الإسلام) ابن تیمیة مثلا بما معناه: أن الإمام الحسین علیه السلام بثورته هذه، قد أحدث فتنة فی أمة الإسلام بخروجه عن طاعة ولی أمر المسلمین!! وإذا سألنا شیخ الإسلام عن خروج معاویة من طاعة الإمام علی علیه السلام، فإنه یری بأن ذلك كان فتنة بینهما ولا ذنب لهما فیها، وهكذا بالنسبة لخروج عائشة (رض) أیضا علی الإمام علی علیه السلام. وما هذه إلا صورة من صور محاولات التزییف المكشوف فی تاریخنا الإسلامی، وإلا فكیف نفسر تجاهل معظم أهل السنة لهذه المأساة التأریخیة، والتی یقتل فیها أبناء رسول الله صلی الله علیه وآله بأبشع ما یكون القتل والتعذیب، وقد سار علی نهج معاویة وابنه یزید سائر أبناءهم من ملوك



[ صفحه 80]



بنی أمیة والعباس فی قمع أی حركة معارضة لسلطانهم، وخصوصا آل البیت النبوی الذین كانوا ملاحقین دائما بالاضطهاد والتشرید والقتل والتعذیب. ولم یقتصر هذا الظلم ضد آل البیت النبوی فحسب، فقد كان من ضمن ضحایا الاستبداد الأموی من غیر آل البیت عبد الله بن الزبیر مثلا، حیث سجل التاریخ ذلك المشهد المأساوی فی الحرم المكی عندما ذبح وسلخ ابن الزبیر والذی لم تشفع له قدسیة هذا المكان الذی كانت حتی الجاهلیة تقدسه وتعظمه ولا تستبیح فیه دماء الوحش فضلا عن البشر، ولم تشفع له الكعبة عند حكام بنی أمیة والتی تعلق بستائرها؟؟ والتی حتی رمیت بالمنجنیق فی عهد عبد الملك بن مروان الذی أطلق العنان لید طاغیته الحجاج لیقتل ولذبح الناس بغیر حق. وقد قال فیهما الحسن البصری: " لو لم تكن لعبد الملك سیئة سوی الحجاج لكفته "، وقول عمر بن عبد العزیز (رض): " لو جاءت كل أمة بطاغیتها، وجئنا بالحجاج لغلبناهم ". فضلا عما عرف من تمزیق الولید بن عبد الملك لكتاب الله وغیر ذلك الكثیر الكثیر. فهل تؤهل هذه الأعمال صاحبها أن یكون مسلما فضلا عن أن یكون خلیفة للمسلمین وأمیرا للمؤمنین؟؟ لا شك أننا الیوم بحاجة إلی إعادة النظر فی تأریخنا [1] الإسلامی وإمعان النظر فی كثیر من الحوادث فیه واستنطاقها لما لها من ارتباط وثیق برسم معالم المذاهب الإسلامیة التی علیها المسلمون الیوم، ولما فیها ما یساعد علی معرفة حقیقة هذه الطائفة أو تلك بعیدا عن الظلم والتجنی. فبسبب تلك الحوادث تفرع المسلمون عن الخط الإسلامی المحمدی الأصیل وأصبحوا بذلك طوائف وشیع متفرقة كل منها تزعم بأنها الطائفة الناجیة، ولیس لأحد فی عصرنا أن ینتظر وحیا من السماء لیخبره باسم هذه الطائفة، وقد أعطانا الله جل وعلا ثنائه عقلا لنمیز به الخبیث من الطیب وجعله حجة علی عباده،



[ صفحه 81]



المكتبة العربیة السعودیة وزارة المعارف الكتاب المدرسیة حقائق عن أمیر المؤمنین یزید بن معاویة



[ صفحه 82]



ونهانا عن التقلید الأعمی بقوله: (وإذا قیل لهم تعالوا إلی ما أنزل الله وإلی الرسول قالوا حسبنا ما وجدنا علیه آباءنا، أو لو كان آباؤهم لا یعلمون شیئا ولا یهتدون " [2] ، وبقوله: (بل جاءهم بالحق وأكثرهم للحق كارهون)، وأمرنا بالبحث والتقصی قبل الأخذ والتصدیق بقول كل من هب ودب. عندما قال: (إن جاءكم فاسق بنبأ فتبینوا أن تصیبوا قوما بجهالة فتصبحوا علی مافعلتم نادمین " [3] .



[ صفحه 83]




[1] أنظر الصورة المرفقة لغلاف كتاب " حقائق عن أمير المؤمنين يزيد " لنري المدي الذي وصل إليه البعض في تزييف هذا التأريخ!!.

[2] المائدة: 104.

[3] الحجرات: 6.